رمــــــــــــــــــــــــاد الطين
(1)
نحن الذين نشرف على الموت نحييكم ..
أبناء نيبور العظيمة...
وآخر من تبقى من أولاد إينانا ....
نقطع تذاكر العودة إلى السماء
أنها رحلتنا الاخيرة
فالمدينة في طريقها إلى الزوال ... ولن تظهر حتى بعد مائة عام ...
نذكر أنه كان مكتوب على أبواب نيبور...
"هذه المدينة لا يدخلها أبناء السفاح "
لكنهم دخلوا... !!
.................
(2)
النساء في طوابير السواد يشيعن ابناءهن // أزواجهن
نهر من الأذرع تحمل سيل الصناديق المُغلقة
المُغلفة بالعلم ... إنهم راحلون الى ارشكيجال ...
حيث تضيع وجوههم في عتمةالعالم السفلي ...
ولا تُسمع أصواتهم بعد حين...
...............
(3)
الآن ينكس العلم الأميركي
ويهم آخر جندي من المارينز بركوب الطائرة... حاملا معه رائحة التراب المقدس المبتل بالنفط
وكيسا من المسروقات ....
تَمُرٌ من حديقتنا
رقم طيني او ربما تربة للصلاة لست اذكرجيدا ...
وقبضة من التراب.... يبيعها في ارضه لإمرأة لا تنجب ...!!
وقبل أن يغلق باب الطائرة.... يستدرك هذا الأخير ....
أنه لم يكمل المهمة...
يهبط السلم....يفتح باب الغرفة الوحيدة التي نسكنها منذ عقود ...
يلقي علينا قنبلة الوداع ....يغلق الباب بسرعة ...يركض صوب الطائرة و.......................ثلمة في النص .....
..........................
(4)
في الشارع الذي يبدأ بقهرمانة التي تصب الزيت على رؤوس السراق ...
وينتهي بساحة التحرير ...
تُسرد الف حكاية ..
عن مسيرة الدم الأبيض تحت البساطيل السوداء .... وجزم " الجيستابو" الحمراء....
والصفراء التي هي فاقع لونها ولا تسر الناظرين...
يا ايها الشارع الذي تصلي لمسرات الفقراء
أنك تؤرخ كل شيء...وتحمل كل شيء في الذاكرة المرصوفة العتيقة
مسيرة العباءات وثورات السكاكين والرصاص والحجارة...
تكتب سير الزعماء والحكماء والجواسيس ...
تحفظ صور القادة والقوادون وأرباب السوابق ..
انها صورة مختلفة يختلط فيها كل شيء...!!
كل شيء ...
يظهر فيها " المسكَوف " ودجلة ورائحة الحرمل .... ويظهر فيها المارينز وموسيقى الراب والهمرات ...
كل ما هو حقيقي ...وكل شيء زائف ...الجميل ...والقبيح ....دبس التمر...والحنظل ...
المقدس ....والداعر...!!
كم أنت منفصم ايها الشارع ....!!
........................
(5)
تلال من الكتب...وجبال من المسلات ...
ملايين من المسامير المضيئة... وملايين العبارات التي لم يبلعها الطوفان الاول...
يمر عليها زنوجهم... وأبناء الأرصفة العارية...باقدامهم البربرية...
ونحن تباُ لنا تباً.... نبتلع الطعم ونرقص حد الغثيان...
نسكر حد الثمالة ونصلي بخشوع ....نبكي// نتوسل كي تعود نيبور الى الظهور من جديد ....!!
......................
(6)
في القادسية ....
كان يولد الرجال من ارحام النخيل...
ويرضعون الموت سريعاً...في الخنادق والسراديب .
يكتبون وصاياهم ... على جدائل النساء
وأسمائهم على أقراص قلائد معدنية...
كان أله الناس في الأرض يوصي بتلك الحرب خيرا...
ويوزع النياشين والشواهد ... على الجنود ..
ويشير نحو الشرق بالسبابة...
كي يسير الرجال الى المحرقة...!!
..........................
(7)
نانا...يا حارس الأهوار ..والخبز الذي يخرج من تنانير الجنوب...
لازال هذا القصب الذي يسّور بيوتنا الطينية يستنجد بك أن تحميه من مضغة اللهب...
نانا ... يا حارس المدينة ..
أحلامنا معلقة على القمر الذي هو بين يديك...
الحرب تزحف كالطاعون نحونا ...
وعيلام ...تولد كل حين...
ونحن لا نملك غير المشاحيف ...!!!
..........................
(8)
الآن قد يبعث قاريء الطين...
باقر
بكفيه التي تفكك اسرار الخليقة
ويستحضر روح الرماد....( رماد الطين )
ذلك النص مقدس...أنه يدري
كان محفورعلى النص نبوءة
وحكاية
أنه يعلم أن في النص ثلمة...وثقوب رصاص...ومقبرة جماعية...وشعوب مؤنفلة....وأجساد تتفسخ في الارض الحرام
لكنه يأبى الكلام
ويعود الى صمته تحت تراب الابدية...
......!!
....................................................
(9)
صورتنا موجودة على بقايا مسلة...
تروي قصة طف تذبح نيبور من الضفة الى الضفة....
وفي الصورة أسمائنا جميعاُ...
وصفاتنا
نحن.... العاشقون// البكاؤون//الفقراء الأغنياء // المتشظون // المتقلبون// المبتلون بالحرب والحديد والنار
نحن الذين نلبس الخوذ ونغوص في رمال وادي السلام طائعين....بكامل عدتنا الحربية ...
نستعد لحرب قادمة ...ربما في الغيب او ربما في السماء ..!
نحن الذين نشرف على الموت نحييكم ....ونتمنى لكم حياة آمنة مطمئنة...!!
عمار بن حاتم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق