السبت، ٧ كانون الثاني ٢٠١٢

رماد الطين


























رمــــــــــــــــــــــــاد الطين








(1)
نحن الذين نشرف على الموت نحييكم ..
أبناء نيبور العظيمة...
وآخر من تبقى من أولاد إينانا ....
نقطع تذاكر العودة إلى السماء
أنها رحلتنا الاخيرة
فالمدينة في طريقها إلى الزوال ... ولن تظهر حتى بعد مائة عام ...
نذكر أنه كان مكتوب على أبواب نيبور...
"هذه المدينة لا يدخلها أبناء السفاح "
لكنهم دخلوا... !!
.................
(2)
النساء في طوابير السواد يشيعن ابناءهن // أزواجهن
نهر من الأذرع تحمل سيل الصناديق المُغلقة
المُغلفة بالعلم ... إنهم راحلون الى ارشكيجال ...
حيث تضيع وجوههم في عتمةالعالم السفلي ...
ولا تُسمع أصواتهم بعد حين...
...............
(3)
الآن ينكس العلم الأميركي
ويهم آخر جندي من المارينز بركوب الطائرة... حاملا معه رائحة التراب المقدس المبتل بالنفط
وكيسا من المسروقات ....
تَمُرٌ من حديقتنا
رقم طيني او ربما تربة للصلاة لست اذكرجيدا ...
وقبضة من التراب.... يبيعها في ارضه لإمرأة لا تنجب ...!!
وقبل أن يغلق باب الطائرة.... يستدرك هذا الأخير ....
أنه لم يكمل المهمة...
يهبط السلم....يفتح باب الغرفة الوحيدة التي نسكنها منذ عقود ...
يلقي علينا قنبلة الوداع ....يغلق الباب بسرعة ...يركض صوب الطائرة و.......................ثلمة في النص .....
..........................
(4)
في الشارع الذي يبدأ بقهرمانة التي تصب الزيت على رؤوس السراق ...
وينتهي بساحة التحرير ...
تُسرد الف حكاية ..
عن مسيرة الدم الأبيض تحت البساطيل السوداء .... وجزم " الجيستابو" الحمراء....
والصفراء التي هي فاقع لونها ولا تسر الناظرين...
يا ايها الشارع الذي تصلي لمسرات الفقراء
أنك تؤرخ كل شيء...وتحمل كل شيء في الذاكرة المرصوفة العتيقة
مسيرة العباءات وثورات السكاكين والرصاص والحجارة...
تكتب سير الزعماء والحكماء والجواسيس ...
تحفظ صور القادة والقوادون وأرباب السوابق ..
انها صورة مختلفة يختلط فيها كل شيء...!!
كل شيء ...
يظهر فيها " المسكَوف " ودجلة ورائحة الحرمل .... ويظهر فيها المارينز وموسيقى الراب والهمرات ...
كل ما هو حقيقي ...وكل شيء زائف ...الجميل ...والقبيح ....دبس التمر...والحنظل ...
المقدس ....والداعر...!!
كم أنت منفصم ايها الشارع ....!!
........................
(5)
تلال من الكتب...وجبال من المسلات ...
ملايين من المسامير المضيئة... وملايين العبارات التي لم يبلعها الطوفان الاول...
يمر عليها زنوجهم... وأبناء الأرصفة العارية...باقدامهم البربرية...
ونحن تباُ لنا تباً.... نبتلع الطعم ونرقص حد الغثيان...
نسكر حد الثمالة ونصلي بخشوع ....نبكي// نتوسل كي تعود نيبور الى الظهور من جديد ....!!
......................
(6)
في القادسية ....
كان يولد الرجال من ارحام النخيل...
ويرضعون الموت سريعاً...في الخنادق والسراديب .
يكتبون وصاياهم ... على جدائل النساء
وأسمائهم على أقراص قلائد معدنية...
كان أله الناس في الأرض يوصي بتلك الحرب خيرا...
ويوزع النياشين والشواهد ... على الجنود ..
ويشير نحو الشرق بالسبابة...
كي يسير الرجال الى المحرقة...!!
..........................
(7)
نانا...يا حارس الأهوار ..والخبز الذي يخرج من تنانير الجنوب...
لازال هذا القصب الذي يسّور بيوتنا الطينية يستنجد بك أن تحميه من مضغة اللهب...
نانا ... يا حارس المدينة ..
أحلامنا معلقة على القمر الذي هو بين يديك...
الحرب تزحف كالطاعون نحونا ...
وعيلام ...تولد كل حين...
ونحن لا نملك غير المشاحيف ...!!!
..........................
(8)
الآن قد يبعث قاريء الطين...
باقر
بكفيه التي تفكك اسرار الخليقة
ويستحضر روح الرماد....( رماد الطين )
ذلك النص مقدس...أنه يدري
كان محفورعلى النص نبوءة
وحكاية
أنه يعلم أن في النص ثلمة...وثقوب رصاص...ومقبرة جماعية...وشعوب مؤنفلة....وأجساد تتفسخ في الارض الحرام
لكنه يأبى الكلام
ويعود الى صمته تحت تراب الابدية...
......!!
....................................................
(9)
صورتنا موجودة على بقايا مسلة...
تروي قصة طف تذبح نيبور من الضفة الى الضفة....
وفي الصورة أسمائنا جميعاُ...
وصفاتنا
نحن.... العاشقون// البكاؤون//الفقراء الأغنياء // المتشظون // المتقلبون// المبتلون بالحرب والحديد والنار
نحن الذين نلبس الخوذ ونغوص في رمال وادي السلام طائعين....بكامل عدتنا الحربية ...
نستعد لحرب قادمة ...ربما في الغيب او ربما في السماء ..!
نحن الذين نشرف على الموت نحييكم ....ونتمنى لكم حياة آمنة مطمئنة...!!




عمار بن حاتم

الأربعاء، ٢٦ كانون الثاني ٢٠١١

T wall

الطين الذي صنع أسلافنا منه الرُقم
صار لعنة
صار طوفانا بلون الدم ...
يستعد لابتلاعنا
نحن لا نستحقه..
لأننا تركناهم يسرقونه ...
**********************
ال "T wall " الذي يرقص خلفه الذئاب
ويقبع خلفه أبناء السعالي .....وأسرى الخطيئة
يتبول عليه في الليل القتلة والمخمورون والقوادون وأرباب السوابق
يلّون في النهار بدعوى " الجدار الحر"
وقد صار شاهدا على تفسخ المدينة ..
ونحن نشاهد بصمت تلك المسرحية
*************************
أجيال المسوخ تولد في العتمة
تكبر في العتمة ...
ترضع الضجيج
لا تعرف عن تاريخ المدينة شيئا..
لا تعرف غير الخرافات والعبث
تتقن لغة الضوضاء والرقص وقرع الدفوف ...
يخرج الكاتب من عزلته ...
يجمع رسائله ...ويصب عليها كل ما ادخر من النفط العراقي
ليحرق شلش ....
يتجمع حوله بعض الصغار ...يشهدون احتراقه
هم لا يعرفون شلش...
لا يعرفون شيئا ...لكنهم يعرفون " Bluetooth "
يرن جوال احدهم "بسبس ميوووووووووو"
يتراقصون مع الأغنية
ولا أحد يكترث لاحتراقه...
لا أحد






الناس والمدينة

الناس بأجساد ناعمة
رخوة .. وطرية
تجتاز الشوارع
وأجتازها
تمر ببطيء غريب
تمر كأنها دخان
تطالع وجهي
وأنا كشجرة
تمتهن الانتظار
منذ أعوام طويلة
عبر مواسم الورود والمحبين والعصافير
شامخة كنصب " جواد "
وبابه الشرقي
شاخصة منذ ألف جلاد
وضربة سيف
منذ ألف سَفّاح وليلة سبي...
.........
إيـــــــــــــــــه.....
شاخ الجميع
وشاخ النهر
وشاخت الطيور
والمدينة لم تشيخ
لم تفقد فتنتها
لم تفقد عفتها
برغم كل أبناء السِفاح!


تابوهات

تتناسل التابوهات
تتكاثر الخطوط الحمراء..
مطوقون..بالضجيج // بالفوضى // بالخدر // وعشوائية الاختيار ...
نضيع جميعا في فجوة أسمها ـ لا يجوز ـ
وحتى في الحلم...
...نحن لا نستطيع الهروب إلى الهروب!
كل شيء يعود مثلما كان..قديما
كل التناقضات تتناقض الآن
والنظريات التي دحضت نفسها ..
تعود للواجهة..!!
والأنواع...
الأنواع ترجع لأصلها...!!!!!!!
متى نتحرر من كل هذا العبث..
فحتى الصور..تتحرر من البراويز أحيانا....!!!!


الثلاثاء، ٨ أيلول ٢٠٠٩

الى حبيبتي بعد الرحيل

انتِ تنتمين الي الى المحارب الذي شهد الموت اكثر من مرة ليشهد الولادة البيضاء في غزوته الاخيرة...؟؟؟
اشتاق اليك ..واشتاق لعينيك وهي تطالعني..اشتاق الى عطرك والى انفاسك التي كانت تطوقني ذات اليمين وذات الشمال اشتاق لعشقكِ الذي تركني في اخر محطات عمري انزف لوحدي ...في برد يشبه زمهرير الموت ..لاشيء يدفيني سوى احتراق الذات شوقا لتلك الذكريات التي دفعت عمري لحظة فلحظة لاعيش تفاصيلها ..حتى افلس العمر ولم يعد فيه بقية تنفعني ..!
استحضر تلك الصور وتلك الكلمات وتلك المواقف ...استذكر الشوارع والارصفة والمقاهي والشرفات والحدائق اتحسس يدي التي كانت تطوق يديك لتدفأها ..اغمض عيني لاعيش تفاصيل الغرام الذي كان يجمعنا ذلك العشق الاسطوري الذي تعاهدنا ذات يوم ان نرعاه بدواخلنا وكانه زهرة برية ازهرت في اواخر ايام الثلج ...استذكر كل مامر بيننا ..من حوارات غريبة ..ومواقف عجيبة ..ونقاشات ...ومعارك ...وغزل ...وبكاء صامت يشبه ذوبان الشموع..؟؟ يشتاق صوتي لاسمك الحبيب ...يشتاق صدري لضمتك الدافئة ..يشتاق اليك عمري باجمعه ...عمري الذي لم يتبقى منه سوى سويعات ..قررت ان اعيشها بقربك برغم كل البرد والغربة والالم علها تكون عزاءا لفراق اوجعني حتى كسر اضلعي ..واتعب حتى الانفاس وجعلني عاجزا عن التنهد...ايــــــــــه ..ايتها العصفورة الرقيقة... اية ..حكايا ساروى لك من بعدك؟
واي اغاني ساغني لكِ في غيابك ...كنت استمع الى "فيروز" في غيابك فاحسست ان قلبي كاد ان يتوقف ...لانني ادركت -هذه المرة فقط- ما معنى "لاول مرة ما بنكون سوى"....!
اغمضت عيني لاطرد شبح الهزيمة التي تشبه ندم الضياع ...فحلمت انني اكتب اليك رسائل مثل الايام الخوالي وابعثها اليك مثلما كنت ...تذكرت انني اكتب اليك الجملة التي لم تزل عالقة في ذاكرتي واسماعي ..."انتِ تنتمين الى المحارب الذي شهد الموت اكثر من مرة ليشهد الولادة البيضاء في اخر غزواته .."
ادفن نفسي عنوة في زحمات الطرق والوجوه والاعمال التي تشبه العبث لاتناسى حضورك الدائم ..لاتناسى احزاني التي صارت كاشجار معمرة ..واثمرت الندم الذي اتذوقه مكرها ... فيالمرارة الندم...؟؟
تعبت من البحث عنك في وجوه لاتشبه وجهك ..وسالت ارصفة الشوارع التي كنا نمر بها ..سالت العيون التي كانت تراقبنا ولا تراقبنا وجميع الموائد التي تعرفنا ولاتعرفنا عن عاشقين كانوا متلاصقين كالموت والحياة كالليل والنهار ..سالت عنا ..كل من كان يحسدنا لحجم ماكان يجمعنا من عشق غريب ..فلا مجيب ؟؟ اضعنا انفسنا في تفاهات وحوارات غبية ..وأدنا الحب الذي كان يجمعنا رغما عنه وعنا ..في رمال الخلافات التي تسربت الى نقاء الطفولة من حيث ندري ولاندري..وها نحن ندفع الثمن ..انا بانتظار الموت الذي سينهي حياة كاتب يبست اقلامه ولست كما تظنين المحارب الذي شهد كل حروب العشق التي لم يشهدها كل العشاق ...وعاد في اخر غزواته مثخن بجراح الحبيبة التي تناست كل شيء لتحرقني في لحظات مجنونة...وهي الان بقايا امرأة...تمزقها الاحزان ونظرات الآخرين ...اشتاق اليك يا حبيبتي ..لكن مافائدة الاشتياق ...وانا على شفا الرحيل...وما نفع الشوق اذا ما مات القلب ..وصدأت العيون والالسن...وتحجرت الابتسامات التي كانت كصباحات الربيع...اشتاق اليك فعلا لكنني ...ماعدت قادرا على الرجوع ...فكل ما كان كان وولى زمن المعجزات ...اشتاق اليك...يا وحيدتي لكن ..ليس في العمر بقية..؟؟
عمار بن حاتم


السبت، ٥ أيلول ٢٠٠٩

فيروز ...ودارين ...وعاشق مجنون

يحكى...انهما كانا هناك..

كان لقائهم صدفة تشبه القدر ...ما كان يجمعهم شي غريب لا ينتمي الى هذا العالم كل شيء كان مختلفا..كلامهم ..حواراتهم..طقوسهم ..وحتى خصامهم...كان صوت فيروز يرافقهم كملاك حارس... كأيقونة يحملانها معا...كلاهما ثائران..دارين وهو...كانت تناديه ب(el prince azul) وكان يناديها عصفورتي ..كان يعشقها الى حد الاحتراق..وكانت تعشقه كوطنها المفقود...فارسها الأزرق الذي خذلها أكثر من مرة بسبب غيرته العمياء وجنونه...!!

رجل محارب أرهقته الحروب وآلام البلد المسلوب وقيود الغزاة ومعتقلات الاحتلال وملاحم النساء وغربته في أكثر من بلاد ...أتعبته ملاحم العشق والنساء التي أخذت ما أخذت منه حتى لم يتبق له ما سيكفيه للغد القادم ...وهي امرأة من أجمل نساء الدنيا ..ثائرة حالمة متمردة على كل واقعها المؤلم ...رائعة بكل ما تمتلكه هذه الكلمة من عمق ووصف ومعنى...حزينة كالبحر خذلتها الحياة غير مرة ..وحيدة عاشت حتى التقت به وأصبحت تتوسم فيه الحلم المرتقب (عندي ثقة فيك ..عندي أمل فيك..عندي ولع فيك..) وهو بجنونه أضاع كل شيء..!!!
يعشقها...يقبل صورتها ألف مرة ومرة ...يهمس لها احبكِ ألف مرة ومرة...بينه وبين نفسه ويعيش خيالات جميلة كألف ليلة وليلة ...يدور معها ماسكا يديها العاجيتين الملائكية يقبلهما حتى يبكي فوقهما...يتخاصمان يتشاجران كأطفال صغار ويتصالحان...يدوران في حواري دمشق القديمة وأزقتها... العاشقين القادمين من بلاد الأعاجيب ودنيا الأحلام المفقودة...يدوران كعصفورين وتخاف هي أن يراها من يراها وهو يخاف عليها أكثر يأخذها من يدها وتلفتت ذات اليمين وذات الشمال وهي تسأله ( إذا كنا ع طول ...التقينا ع طول ..ليش بنتلفت خايفين..) فيبتسم لها...!!
تكتب له..تستفزه...تهزه..تحرقه ..قلمها ليس كأي قلم ..كلامها ليس ككل الكلام ...تخرجه بكلمة منها من عزلته وغيبوبته السرمدية...يكتب لعينها أجمل الغزل ...تستحق عينيها كل الغزل فهي امرأة تشبه الحلم...! عندما كانا يلتقيان تحتضنه بنظراتها الجميلة العاشقة الخجولة وتردد بسرها( أنا كل ما بشوفك كأني بشوفك لأول مرة حبيبي ...) وهو لم يتقن اللعبة ولم يفهم الحياة..ولم يفهم كيف تحب امرأة رجل مجنون الى حد الجنون...!!!

تبكي لوحدها ...تهاتفه الساعة الثانية والنصف صباحا ...تشتاق اليه كما تشتاق الارض للمطر الجميل...لها صوت يشبه المطر جميل كما المطر كما الشام جميلة...كمقاهيها ولياليها... الشام من اجمل مدن الدنيا لأنها كانت تكتحل بدارين الفاتنة...يطمئنها انه سيمسح دموعها الماسية وسيحتضنها بليالي البرد سيسهر كي تنام ..وتغفوا على صوته الطمأنينة وتغرق بالأحلام(خدني ولا تاخدني الفرح عالطريق حبك بيحصدني وماعندك رفيق....) لتصحوا على رسالة منه تشبه القبلة والوردة الحمراء على وسادتها البيضاء كقلبها الطفل...!!!

يوم جديد مليء بعبق الطفولة...مختوم بدفيء المساء السابق وحنين الليلة البارحة لهفة ترقب ماذا ستلبس اليوم لاميرها الازرق باي العطور ستختم سحرها ...تقرا تكتب تنام تصحوا وصوته يرافق خيالها لاشيء غيره يرافق وجودها ..وحده له سطوة العاشق الذي جاء من السماء..
يفضحها شرودها ...ارتباكها ...ذهولها ...غيابها عن المكان حتى علم الناس بان الاميرة عاشقة عندما انكشف امر الرسائل الغرامية التي كانت بينهما كعشاق الزمان الجميل (يا انا يا انا وياك ...صرنا القصص الغريبة ...وانسرقت مكاتيبي ..وعرفوا انك حبيبي )...!!!

يجيء المساء ..وهي في شرفتها تنتظر قدومه الذي ينعش جوانحها الملتاعة ..كان وجوده يملا عليها الدنيا وبوجوده تكون اميرة بمعنى الكلمة كان يدللها كثيرا أصبحت متيمة به وتخاف عليه أكثر من نفسها ..تعلقت به كثيرا تلك العاشقة التي تشبه جناح الفراشة لهول جمالها ورقة وإحساسها تلك الأميرة ذات الثلاثين ربيعا وربيعا... ( بحبك ما بعرف هن قالولي ..من يومها صار القمر اكبر...)...!!!

يمسك بيديها ويعبرا الشوارع الشارع تلو الاخر ليذهبا الى الأوبرا ...أو ليجلسا على إحدى سفوح قاسيون ليلا يقول: لنحكي ...لنبكي ..لتغفوا على كتفي ..أداعب شعرها الغجري الليلي الذي يشبه حزني وجنوني...!! حزني القادم من بغداد ( بغداد...والشعراء والصور...ذهب الزمان وضوعه العطر ...يا ألف ليلة يا مكملة الأعراس ...يغسل وجهك القمر...) كل اللقاءات الجميلة كانت مذبوحة لان بغداد يخنقها مساء الحزن ولون الدماء...!! كم كان يتمنى لو أنهما كانا في بغداد الآن ..بغداد ام العاشقين والثائرين والمجانين ...!!!

(رجعت الشتوية ...)
وهو لم يكن هناك ...تذكر كيف ان الخصام ذات يوم كان ثالثهما في ذلك الشتاء المثلج البارد ولم تكن معه وهو يتأمل قاسيون في تلك الحديقة التي تنتهي بها الصالحية ...وحده في مقهى الروضة...في هافانا ...طال انتظارها وهي لم تأتي طال انتظاره ولم يجيء هو الآخر كان برد الشتاء يتسرب إليهما بهدوء...ولم يكن يشعرا ان الموعد الذي ستزدل به الستارة بات وشيكا ونهاية الحب المجنون قد اقتربت من النهاية....وليالي الشتاء تشبه الموت البطيء وكلاهما بعيد عن الاخر ....تعاتبه ببكاء صامت يشبه ذوبان الثلج...(يا حبيبي أنا عصفورة الساحات ...لا صوتك يندهلي مع المسافات...ويطل يحاكيني من الريح الحزينة ...ليالي الشمال الحزينة) وهو بكل قسوة الرجل الشرقي لا يصيخ السمع لتلك العاشقة اللائبة المحترقة شوقا لذلك الحبيب الذي جن جنونه وغره الغرور وسكنته الغيرة العمياء..!!
خذلها ..خذلها ..خذلها ..بكل ماتملك الكلمة من قسوة ومرارة وألم...رغم عشقه لها رغم عشقها له...رغم تلك الملحمة الأسطورية من الحب العذري الذي لم يدنسه شيء ..خذلها العاشق المجنون ...وهي لم تزل الى هذه اللحظة عاشقة مكسورة القلب ترسم على محياها ضحكة كذوبة وتتذكر تفاصيل كل تلك الأحلام التي لم تعشها مطلقا سوى في خيالها البريء وفي قلبه وخياله المجنون...لكنه يعترف أمام العالم بأسره انه كان يعشقها الى حد الثمالة وانه خذلها...بسبب الغيرة المجنونة...!!!

(نبقى سوى وصوتك بالليل ...يقلي وانا عم اسمع...
"بحبك" حتى نجوم الليل نجمة ونجمة بتوقع....
وخلص الحب...!!!...وسكتت الكلمة وتسكر القلب وماوقع ولا نجمة...
متاري الكلام بيظل كلام ..وكلشي بيخلص حتى الاحلام ...والايام بتمحي ايام....!!!
بكرة اذا ذكروا العشاق ...ظلو تذكرونا) ...؟؟؟


عمار بن حاتم